Publications /
Policy Brief

Back
مسارات انتاج العنف السياسي في الساحل: من الهشاشة البنيوية إلى مركزية الإرهاب العالمي
October 21, 2025

تعيش منطقة الساحل مرحلة غير مسبوقة من تصاعد العنف السياسي والإرهاب، إذ أصبحت منذ 2025 مسؤولة عن أكثر من نصف الوفيات المرتبطة بالإرهاب عالميًا. هذا التحول يعكس فشل الدول في استعادة ثقة المواطنين، وانهيار المؤسسات الأمنية، وتراجع الوجود الدولي، ما أفسح المجال لتوسع الجماعات المسلحة مثل “نصرة الإسلام والمسلمين” و”تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى”. جاءت الانقلابات المتتالية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر كنتيجة لأزمات داخلية بنيوية عمّقت هشاشة الحكم

تشهد المنطقة تفاوتًا في أنماط العنف؛ فبوركينا فاسو تتصدر من حيث عدد الضحايا، بينما أصبحت النيجر ملاذًا جديدًا للجماعات الإرهابية بعد انسحاب القوات الأجنبية. كما تتأثر النساء والفتيات بشكل خاص عبر العنف الجنسي والتجنيد القسري

على المستوى الجيوسياسي، أدى تراجع الدورين الفرنسي والأمريكي إلى فراغ استغلته روسيا عبر “أفريكا كوربس”، وسط فشل تنسيقي لمجموعة الساحل G5. أمام هذا الوضع، تُطرح ثلاثة سيناريوهات: الانفجار الإقليمي، الجمود المزمن، أو الحلول المركّبة التي تمزج بين الأمن والتنمية. في هذا الإطار، تبرز المبادرة المغربية لربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي كخيار استراتيجي يوازن بين الاستقرار والأمن والتنمية، ويقترح نموذجًا إفريقيًا قائمًا على الشراكة المتكافئة والاندماج الاقتصادي، رغم التحديات الجيوسياسية الإقليمية

 

 

إعادة تموضع خريطة الإرهاب العالمي: من الشرق الأوسط إلى قلب الساحل

شهدت منطقة الساحل، في النصف الأول من عام 2025، تكريسًا متسارعًا لوضعها كبؤرة رئيسية للإرهاب العالمي، بعد أن أصبحت للمرة الثانية على التوالي مسؤولة عن أكثر من نصف الوفيات المرتبطة بالإرهاب عالميًا. ووفق بيانات مؤشر الإرهاب العالمي (GTI)، بلغ عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب في منطقة الساحل حوالي 4030 من أصل 7610 حالة وفاة موثقة عالميًا بين يناير ويوليو 2025، أي ما يعادل 53% من المجموع، وهو ارتفاع بنسبة 3.7% عن السنة السابقة
(Institute for Economics & Peace, 2025)

و يتناقض هذا التوجه التصاعدي  مع الاتجاه العام العالمي الذي يُظهر تراجعًا تدريجيًا منذ عام 2015، ما يبرز استثناءً ساحليًا ناتجًا عن تراكمات متعددة، يتصدرها  الفشل في استعادة ثقة الشعوب، توسع شبكات العنف العابر للحدود، وانهيار الهياكل الأمنية والإدارية للدولة الوطنية في دول مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر. كما أدى الانسحاب التدريجي للقوات الدولية، وخصوصًا الفرنسية، إلى ترك فراغات أمنية سرعان ما استغلتها الجماعات المسلحة لتوسيع رقعة نفوذها
(UNDP, 2025)

من أبرز مستجدات المرحلة ما بعد سبتمبر 2024 تصاعد النفوذ الروسي في المنطقة، عبر مجموعة "أفريكا كوربس" التي أعادت تشكيل جزء من نشاط "فاغنر" في مالي والنيجر. ويقابله تراجع فرنسي تدريجي تمثل في إغلاق قواعد عسكرية كبرى وخروج المستشارين الأمنيين، مما أضعف قدرة الأنظمة المحلية على الردع والردّ، وأدى إلى تموقع الجماعات المسلحة في مناطق نفوذ جديدة
(Stockholm School of Economics, 2024)

في الوقت ذاته، نشهد العمليات التي تنفذها جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" تصاعدًا نوعيًا ، خاصة في شمال مالي وحوض بحيرة تشاد، بينما عزّز تنظيم "الدولة في الصحراء الكبرى" وجوده في شرقي النيجر وجنوب الجزائر، مستفيدًا من هشاشة الرقابة الحدودية وانسحاب القوات الأجنبية
(Nsaibia, 2024)

منذ عام 2020، تعرّضت المنطقة لموجة من الانقلابات العسكرية (في مالي، بوركينا فاسو، النيجر، غينيا)، نتج عنها تقهقر واضح في المسار الديمقراطي، مع تراجع الدعم الدولي وتعليق عدد من الشراكات التنموية. وعلى الرغم من محاولة السلطات العسكرية تقديم نفسها كبديل فعال عن نماذج الحكم المدني التي كانت بدورها موضوع سخط شعبي وانتقادات واسعة في تدبير الشؤون العامة لهذه الدول، إلا أن التدهور الأمني، وتوسع التهديدات الإرهابية، وانهيار المسارات الانتخابية، جميعها تؤكد عمق الأزمة البنيوية في نماذج الحوكمة السائدة
(UNDP, 2025)

فقد اتسمت الموجة الأخيرة من الانقلابات في دول الساحل بسمات مختلفة عن الأجيال السابقة للانقلابات ، وهما الجيل الأول (1960 –حتى  أواخر السبعينيات) التي تزامنت مع مرحلة ما بعد الاستقلال وشهدت انقلابات ذات دوافع أيديولوجية مرتبطة بالحرب الباردة وتدخلات خارجية مباشرة، ثم الجيل الثاني (1990 – إلى حوالي 2005) التي جاءت في سياق التحول الديمقراطي في إفريقيا وغالبًا كرد فعل على أزمات انتخابية أو إخفاقات إصلاحية في ظل برامج التكييف الهيكلي. ففي حين كانت الانقلابات في الموجة الأولى مدفوعة بصراعات أيديولوجية كبرى أو بدعم خارجي، وارتبطت الموجة الثانية بتراجع الأداء السياسي وتوترات انتخابية داخلية، جاءت الموجة الثالثة الراهنة (2020 – حتى اليوم) نتيجة إخفاقات داخلية متراكمة ارتبطت بهشاشة البنى السياسية والأمنية

في غينيا، على سبيل المثال، أدى العبث الدستوري ومحاولة فرض الولاية الثالثة إلى تفجّر الغضب الشعبي، ما وفّر أرضية خصبة لتدخل المؤسسة العسكرية. أما في مالي وبوركينا فاسو، فقد مثّل الفشل المزمن في التصدي للتهديدات الأمنية المتنامية من الجماعات الجهادية، إلى جانب التدهور الإداري وفقدان الثقة في النخب الحاكمة، الوقود الحقيقي لانقلابات متتالية

فقد أعادت هذه الاختلافات الجوهرية في السياقات السياسية والاجتماعية تشكيل طبيعة الفترات الانتقالية في كل بلد؛ إذ طغت الحسابات العسكرية والأمنية على مقاربات الحكم المدني، مما قلّص فرص بناء مسارات انتقالية تشاركية ومستدامة، وأعاد ترسيخ دور المؤسسة العسكرية كفاعل سياسي مركزي بدل حصره في الإطار الأمني والدفاعي. وفي ظل استمرار هذه الديناميات، تبقى احتمالات إعادة إنتاج الهشاشة السياسية قائمة، ما لم يتم التوصل إلى توازن حقيقي بين مقتضيات الأمن ومتطلبات الحكم الرشيد

 

الديناميات الميدانية: تصاعد العنف وخرائط التمدد الجغرافي

خلال الفترة ما بين يناير ويوليو 2025، سجّلت منطقة الساحل تصاعدًا حادًا في أعداد الضحايا المرتبطين بالإرهاب، مع تفاوت واضح في أنماط العنف بين الدول. فقد احتلت بوركينا فاسو صدارة المشهد الدموي، إذ تجاوز عدد القتلى فيها 1,680 ضحية، متقدمة على النيجر التي شهدت نحو 1,102 قتيل، ومالي بـ645 ضحية، فيما سجّلت نيجيريا 584 حالة وفاة، تلتها الصومال بـ398، بينما بدأت توغو تلتحق تدريجيًا بقائمة الدول المتأثرة بمستويات عنف مقلقة. هذه المؤشرات تكشف أن بوركينا فاسو، رغم أنها ليست الدولة الأكثر من حيث عدد الهجمات، تبقى الأكثر فتكًا، إذ تتسم عملياتها بارتفاع حصيلة الضحايا في كل هجوم، غالبًا عبر مجازر تستهدف قرى ومخيمات نازحين، ما يجعل العنف فيها ذا طبيعة إبادة جماعية محلية
(Nsaibia, 2024)

من جهة أخرى، تبرز النيجر كحالة خاصة، إذ تحوّلت بعد الانقلاب العسكري منتصف 2023 إلى ملاذ نشط للجماعات المسلحة، خاصة بعد انسحاب القوات الفرنسية والأمريكية، ما فتح المجال أمام تمدد تنظيمي “الدولة الإسلامية” و”جماعة نصرة الإسلام و المسلمين”. ورغم أن عدد الهجمات المسجّلة في النيجر خلال الأشهر السبعة الأولى من العام بلغ نحو 113 هجومًا—أقل من مالي التي تصدّرت بـ215 هجومًا، والصومال بـ161—إلا أن ضعف مؤسسات الأمن والدرك الوطني، وفقدان السيطرة على المناطق الحدودية مع مالي وبوركينا فاسو، جعل البلاد عرضة لهجمات أكثر تأثيرًا من حيث النتائج الميدانية. أما مالي، ورغم كثافة العمليات فيها، فإن الطابع التكتيكي للعمليات – مقارنة بالمجازر الواسعة – يجعل معدل القتل أقل نسبيًا. وتظهر هذه المعطيات أن التباين بين عدد الهجمات وحصيلة القتلى يعكس اختلافًا في أهداف الجماعات المسلحة وأساليبها، فضلًا عن تفاوت قدرة الدول على احتواء التهديدات في بيئة إقليمية مفتوحة على مزيد من التصعيد
(Counter Extremism Project, 2025)

في مالي، ما تزال مناطق وسط البلاد، خصوصًا موبتي وسيغو، تشهد أعلى معدل للهجمات (215 هجومًا خلال 7 أشهر)، إلا أن عدد القتلى أقل نسبيًا، ما يعكس تحول العمليات نحو الكمّ التكتيكي بدل المجازر. يُعزى ذلك جزئيًا إلى تدخل الميليشيات المحلية المرتبطة بالسلطات العسكرية الجديدة، والتي تتبع أحيانًا سياسة "الحصار الدفاعي" 

في نيجيريا، وعلى الرغم من تراجع نسبي في نشاط جماعة بوكو حرام، فإنها ما تزال تحتفظ بقدرة رمزية على استهداف البنية التحتية والطرق الرئيسية، خصوصًا في ولاية بورنو، مع عمليات محدودة في الشمال الغربي
(Kalu, Omokhunu, & Bologi, 2025)

أما الصومال، فرغم تصنيفها خارج الجغرافيا التقليدية لمنطقة الساحل، فإنها تُدرج ضمن دينامية التهديد الإقليمي المتقاطع، حيث سجلت 161 هجومًا و398 قتيلًا في سبعة أشهر. يشير تحليل الأمم المتحدة إلى أن "حركة الشباب" بدأت تنسق عملياتها في نمط موازٍ لتحركات جماعة نصرة الإسلام في مالي، ما يعكس تشابهات تكتيكية وهيكلية
(African Security Analysis, 2025)

ويُعد تمدد الإرهاب إلى توغو ظاهرة خطيرة، حيث شهدت البلاد 14 هجومًا أوقعت 60 قتيلاً، رغم حداثة انخراطها في النزاع. غالبية هذه الهجمات وقعت في شمال البلاد قرب الحدود مع بوركينا فاسو، وهي مناطق تعاني من ضعف التواجد الأمني، ويُرجّح أن تكون الجماعات المسلحة قد استخدمتها كممرات للإمداد والتخزين
(Cumming, van der Velde, & Chafer, 2024) 

وفي جلسة لمجلس الأمن بتاريخ 8 أغسطس 2025، حذّر ممثلو الأمم المتحدة وخبراء إقليميون من أن التدهور المتسارع في الوضع الأمني بالساحل وغرب إفريقيا يضرب النساء والفتيات على نحو مباشر ومضاعف، ما يجعل قضاياهن جزءًا محوريًا من معادلة الأمن الإقليمي. وأكد الخبراء أن الجماعات الإرهابية تتبنى استراتيجيات ممنهجة لتقويض المجتمعات عبر استهداف النساء والفتيات بوسائل تشمل الاختطاف، والزواج القسري، والعنف الجنسي، مستغلين النزاعات لفرض أنماط قسرية تُضعف رأس المال البشري على المدى الطويل. وأوضحوا أن تعطيل تعليم أكثر من مليون فتاة في دول مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو، إلى جانب انتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي، لا يمثل فقط أزمة حقوقية، بل يشكل تهديدًا للأمن القومي ويُستخدم كأداة استراتيجية لزعزعة الاستقرار
(United Nations, 2025)

 تحولات التحالفات الجهادية بعد 2024: تموضعات جديدة ومسارات انقسام

شهدت المنظومة الجهادية في منطقة الساحل خلال العامين الأخيرين سلسلة من التحولات البنيوية، تمثلت في إعادة التموضع الاستراتيجي وظهور شبكات تحالف جديدة بين الفصائل المسلحة، على خلفية التنافس الإيديولوجي، والخلافات التكتيكية، والتحولات الجيوسياسية في علاقات الدعم والتمويل.

تنامي نفوذ نصرة الإسلام والمسلمين

تُعد جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM)، المرتبطة بتنظيم القاعدة، أكبر تحالف جهادي في منطقة الساحل. وقد شهدت منذ أواخر 2023 تعزيزًا في قدراتها العملياتية بفضل الانسحاب العسكري الفرنسي من مالي والنيجر، حيث وسّعت مناطق انتشارها إلى حدود حوض بحيرة تشاد وغرب النيجر. كما تمكنت من عقد هدنات تكتيكية مع بعض الجماعات العرقية المسلّحة، ما أتاح لها حرية تحرّك أوسع في المناطق الريفية
(CISA newsletter, 2025.)

تقوم الجماعة بتكييف خطابها الديني والقبلي حسب كل سياق محلي، مما يُمكّنها من بناء "تحالفات ظرفية" مع فاعلين غير جهاديين، خصوصًا في مناطق النزاع على الموارد (مثل مناطق الذهب والمراعي)، في مقابل خدمات الحماية أو فرض الجزية، وهو ما يمنحها عمقًا اجتماعيًا يعزّز مناعتها 
(Bøås & Strazzari, 2020)

الصعود المقلق لتنظيم "الدولة في الصحراء الكبرى"

من جهة أخرى، عاد تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” (ISGS)، بعد فترة تراجع، ليعيد بناء قدراته مستفيدًا من الفراغ الأمني بعد الانقلابات، وغياب أي ردع جوي من القوات الدولية. خاصة في   في شرقي النيجر و  على شريط  الحدود مع نيجيريا وجنوب الجزائر

أبرز ما يميز هذا التنظيم حاليًا هو اعتماده تكتيك الضربات السريعة المعتمدة على الدراجات النارية والطائرات المسيّرة الرخيصة، ما يقلل كلفة العمليات ويزيد من فتكها. كما سُجّل اعتماده على مقاتلين صغار السن، بعضهم مجنّدون من مخيمات النزوح أو عبر شبكات تهريب البشر
(De León Cobo, 2024) 

النزاعات الداخلية وتآكل الانضباط الهيكلي

رغم هذا التصاعد، تشهد الساحة الجهادية انقسامات متزايدة بين الفصائل، وخاصة داخل جبهة "نصرة الإسلام والمسلمين"، حيث نشب خلاف في مارس 2025 بين جناح يقوده “أمادو كوفا” في وسط مالي، وآخر يميل للتحالف مع شبكات تهريب المخدرات على الحدود مع غينيا. هذا التوتر يُضعف أحيانًا التنسيق العملياتي، لكنه لا ينعكس بالضرورة في تراجع الفعالية، بل يُعيد توزيع المهام والمسؤوليات ميدانيًا
(Africa Center for Strategic Studies, 2025)

و سجلت  انشقاقات في صفوف الجماعات التابعة لتنظيم الدولة، حيث ظهرت مجموعات جديدة غير معلَنة الاسم بعد، تنشط في مناطق محصورة من جنوب ليبيا وشمال النيجر، ويُعتقد أنها تنسّق لوجستيًا مع مهربي السلاح من السودان وتشاد
(Sakhri, 2025, 28 mars)
 

 المحيط الإقليمي والدولي: بين الانكفاء الاستراتيجي والتجريب الأمني

أمام التصاعد المتسارع للعنف الإرهابي في منطقة الساحل، تبدو الاستجابات الإقليمية والدولية مترددة، متباينة، وفي كثير من الأحيان غير متزامنة. فما بين انسحاب فاعلين تقليديين، وتقدّم أطراف جديدة، ومحاولات للتنسيق غير الفعّال، تعكس هذه الردود عمق المأزق الأمني والسياسي في المنطقة

تراجع دور القوى الغربية: انسحاب أكثر من إعادة تموضع

يتمثل أبرز مظاهر التحول في الانسحاب الفرنسي من مالي والنيجر وبوركينا فاسو بعد أزمات سياسية ودبلوماسية مع الحكومات العسكرية الجديدة.  في كون هذا الانسحاب شمل إغلاق قواعد عسكرية استراتيجية، وتخفيض حجم البعثات التدريبية، ما أحدث فراغًا في الدعم اللوجستي والاستخباراتي للحكومات المحلية
(Vircoulon, 2024)

بدأت الولايات المتحدة من جهتها  بتقليص وجودها العسكري غير القتالي في النيجر، مع إغلاق قاعدة "أغاديز" الجوية مطلع 2025، إثر التوتر بين إدارة بايدن والسلطة العسكرية في نيامي، مكتفية بمراقبة جوية عبر الأقمار الصناعية وتنسيق استخباراتي محدود
(Priebe et al., 2025)

في مارس 2025، أعلنت واشنطن رسميًا قرارها بإنهاء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وبرامجها الفرعية تدريجيًا، ما أسفر عن إلغاء مساعدات بمليارات الدولارات كانت موجهة إلى إفريقيا. وقد أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو أن الإدارة ألغت نحو 83٪ من برامج USAID — أي حوالي 5,200 من أصل 6,200 برنامج — فيما سيتم نقل البرامج المتبقية إلى وزارة الخارجية
(Business Insider, 2025; USAID, 2023)

إلى جانب تقليص المساعدات، جاء مؤشر آخر على الانكفاء السياسي الأمريكي، تمثل في الأمر التنفيذي رقم 10949 الذي وقّعه الرئيس ترامب في يونيو 2025، والذي حظر دخول مواطني تشاد وجمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية وإريتريا وليبيا والصومال والسودان إلى الولايات المتحدة تحت أي نوع من التأشيرات، بما في ذلك السياحة والدراسة والهجرة. وقد قوبل هذا القرار برفض من الاتحاد الإفريقي الذي ناشد إلغاء الحظر استنادًا إلى «الشراكة التاريخية بين الولايات المتحدة وإفريقيا»، إلا أن احتجاجه لم يحقق أي نتيجة، ولم تُبدِ الإدارة الأمريكية نية للتراجع عن القرار. في هذه الأثناء، تتزامن هذه السياسات مع منافسة استراتيجية محتدمة بين الولايات المتحدة والصين على تجارة المعادن الأرضية النادرة (REEs)، وهي موارد حيوية للصناعات المدنية والعسكرية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب والرادارات والأقمار الصناعية وأنظمة توجيه الصواريخ. وتحتضن إفريقيا نحو 30٪ من الاحتياطي العالمي لهذه المعادن، ومن المتوقع أن تمثل 10٪ من الصادرات العالمية بحلول 2029. لكن الصين تستحوذ حاليًا على نحو 40٪ من صادرات إفريقيا من هذه المعادن، ما يعزز نفوذها الاقتصادي في القارة. وفي ظل انكفاء واشنطن، تواصل بكين ترسيخ حضورها عبر استثمارات بمليارات الدولارات، وعروض تجارية معفاة من الرسوم لـ53 دولة إفريقية، مما يعزز موقعها كشريك أول للقارة ويضعف جاذبية الولايات المتحدة في سباق النفوذ
(U.S. Government Publishing Office, 2025; United States Geological Survey, 2024).

ولم يُقابَل هذا التراجع الغربي بخطة بديلة متكاملة أو آلية إحلال فعّالة، الأمر الذي أوجد فراغًا متعدد الأبعاد، أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا. وقد شكّل هذا الفراغ بيئة خصبة لتمدد الجماعات المسلحة، التي سارعت إلى ملء مناطق النفوذ المهجورة، مستفيدة من ضعف القدرات المحلية وتراجع التنسيق الاستخباراتي والدعم اللوجستي الخارجي. وبفعل ذلك، لم يقتصر التدهور على الجانب الأمني، بل شمل تعقيد مسارات التسوية السياسية، وإضعاف الثقة بين المجتمعات المحلية والحكومات، مما أفسح المجال أمام تحالفات جديدة بين فصائل متمردة وشبكات تهريب عابرة للحدود.

تصاعد النفوذ الروسي تحت غطاء "أفريكا كوربس"

في المقابل، استفادت موسكو من الانكفاء الغربي لتعزيز حضورها في الساحل من خلال مشروع "أفريكا كوربس"، وهو الهيكل الذي ورث مهام مجموعة "فاغنر" بعد مقتل يفغيني بريغوجين. وقد وقّعت حكومات مالي والنيجر اتفاقات تعاون مع روسيا تشمل التكوين العسكري، تبادل المعلومات، وحماية المنشآت الاستراتيجية
( Africanews & AP, 2025)

لكن هذا الحضور يواجه تحديات، أبرزها محدودية الخبرة الروسية في مواجهة التمردات غير المتماثلة، وضعف التنسيق مع باقي الفاعلين الإقليميين، إلى جانب المخاوف من انتهاكات حقوق الإنسان وتسييس الأمن من قبل الأنظمة العسكرية المستفيدة من الحماية الروسية
(EIIR, 2025)

أفول دور مجموعة الساحل G5 وتعثّر التنسيق الإفريقي

شكلت مجموعة الساحل الخماسية (G5 Sahel) منذ 2014 محاولة إفريقية لتأمين تنسيق أمني وتنموي، لكن المشروع شهد انهيارًا فعليًا بعد انسحاب مالي في 2022، ثم تصاعد الانقلابات، وتباين الرؤى بين الأعضاء. لم تنعقد أي قمم فاعلة منذ أواخر 2023، فيما بقي "القوة المشتركة" دون تمويل فعلي أو غطاء جوي منذ انسحاب الشركاء الأوروبيين
(Bassou, 2025)

من جانب آخر، فشل الاتحاد الإفريقي في بلورة آلية بديلة فعالة، حيث لم يتم تفعيل "القوة الاحتياطية الإفريقية" في الساحل، رغم المطالبات المتكررة، بسبب الخلافات السياسية بين الدول الأعضاء، وضعف التمويل والقيادة الميدانية
(Cumming, van der Velde, & Chafer, 2024)

 

السيناريوهات المستقبلية 2025–2027: بين الانفجار، التجميد، والحلول المركّبة

أمام هذا المشهد المعقد، يُتوقّع أن تسلك منطقة الساحل مسارات متباينة خلال السنوات الثلاث المقبلة، بناءً على تفاعل مجموعة من العوامل، أهمها: سلوك الفاعلين العسكريين الجدد، قدرة المجتمعات المحلية على الصمود، ودرجة انخراط الفاعلين الدوليين. ومن خلال تحليل الاتجاهات والبيانات الميدانية، يمكن طرح ثلاثة سيناريوهات رئيسية:

سيناريو الانفجار الإقليمي

يرجّح هذا السيناريو تدهورًا إضافيًا في الوضع الأمني والسياسي، مع اتساع التهديد الإرهابي إلى دول ساحلية جديدة مثل بنين وساحل العاج، خصوصًا في ظل هشاشة حدود بوركينا فاسو وتوغو. ويُحتمل أن تتصاعد عمليات تنظيم الدولة في شرق النيجر وغرب تشاد، بينما تحوّل جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" محور نشاطها نحو الساحل الغربي وخليج غينيا.

هذا السيناريو سيكون مدفوعًا بعوامل منها: استمرار الفراغ الأمني، فشل الانتقال السياسي في دول الانقلابات، وتراجع الدعم التنموي الدولي بسبب الأزمات العالمية. وقد يؤدي ذلك إلى انهيار ما تبقّى من الأجهزة المركزية، وتحول الساحل إلى ساحة مفتوحة للتنظيمات العابرة للحدود، والميليشيات العرقية، وشبكات
(Anyalebechi, 2024)

سيناريو التجميد أو الجمود المزمن

يقترح هذا السيناريو بقاء الوضع على ما هو عليه تقريبًا، حيث لا يُسجّل تحسّن ملموس، لكن لا تقع انهيارات كبرى أيضًا. يتضمن ذلك استمرار المواجهات في مناطق تقليدية (مثل موبتي وتمبكتو والشرق النيجري)، دون اختراق جغرافي كبير

وفي هذا الإطار، تستمر الأنظمة العسكرية في السلطة، مع بعض التنازلات الشكلية للمجتمع الدولي، بينما تواصل الجماعات الإرهابية السيطرة على الريف وبعض المعابر. ويظل التفاعل الدولي في حدوده الدنيا، مع ميل الدول الكبرى إلى إدارة الأزمات بدل حلها، وهو ما قد يُبقي الساحل في حالة نزيف مزمن غير حاسم
(Russell, 2025)

سيناريو الحلول المركّبة: مقاربة هجينة بين الأمن والتنمية

يُعد هذا السيناريو الأقل ترجيحًا في الوقت الراهن، لكنه يُمثل الخيار الأكثر استدامة على المدى المتوسط. ويتطلب توافر إرادة سياسية وطنية حقيقية، مدعومة بإجماع إقليمي جديد، وانخراط دولي فعّال يقوم على تعزيز الحكامة، وتطوير البنيات التحتية، ومعالجة جذور الأزمة بدل الاكتفاء بالمقاربات الأمنية التقليدية

في هذا الإطار، يفترض السيناريو بلورة تحالفات إقليمية جديدة ذات طابع تنموي–أمني، قد تضم إلى جانب الفاعلين التقليديين، دول الخليج وأطرافًا آسيوية مثل الصين واليابان. ويتوقف نجاح هذا التوجه على توسيع دور المجتمعات المحلية في صياغة السياسات، والاستثمار في الرقمنة والحكامة البيئية كرافعتين رئيسيتين لتعزيز التماسك المجتمعي
(Wilén & Aning, 2025)

في هذا السياق، تكتسب المبادرة المغربية أهميتها من إدراك استراتيجي عميق بأن التحديات في الساحل لا يمكن اختزالها في بعدها الأمني فقط، بل تمتد جذورها إلى معوّقات تنموية بنيوية. فقد ظلّ مسار التنمية في المنطقة، لاسيما لدى الدول الحبيسة مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، مكبلاً بعوائق جغرافية وبنية تحتية هشّة، حيث تؤدي الكلفة المرتفعة للنقل وضعف شبكات الطرق، خاصة في المناطق الريفية، إلى تآكل القدرة التنافسية الاقتصادية. كما أن محدودية الوصول إلى الطاقة تظل عائقًا جوهريًا أمام التصنيع والتنويع الاقتصادي. وقد أدّت الطبيعة المترامية للمنطقة وتوزيعها السكاني المتناثر إلى عزوف المستثمرين عن المبادرات الكبرى، ما أبقى المنطقة في حالة من التهميش المزمن. لكن التحولات الجيوسياسية الأخيرة، وعلى رأسها انسحاب دول "تحالف الساحل" الثلاث (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) من مجموعة الإيكواس في مطلع 2024، وصعود أدوار روسيا وتركيا والصين، قد أوجدت فرصة لإعادة رسم خريطة التعاون والشراكات في المنطقة، وفتحت الباب أمام مقاربات جديدة، يكون للمغرب فيها دور محوري كفاعل غير تقليدي يقدم نموذجًا متكاملًا يجمع بين البُعد التنموي والانفتاح الاقتصادي والربط الجغرافي الاستراتيجي

في لحظة مفصلية من التحولات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الساحل والصحراء، ومع تزايد وتيرة الانقلابات، وتصاعد نشاط الجماعات الجهادية المسلحة، وتراجع نفوذ القوى الاستعمارية التقليدية، وعلى رأسها فرنسا، تبرز المبادرة المغربية لولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي كاستجابة استراتيجية متقدمة لمعطيات إقليمية معقدة. وتزامن هذا الطرح مع دخول قوى دولية كبرى—مثل روسيا، الصين، والولايات المتحدة—في حلبة التنافس الإفريقي، مما جعل من المنطقة بؤرة لتصارع النفوذ متعدد الأقطاب

في هذا السياق، تشكّل المبادرة المغربية منعطفًا تاريخيًا، لا يكتفي برد الفعل بل تؤسس لدور قيادي فاعل، وتقدّم نموذجًا تنمويًا وأمنيًا مرتكزًا على الإمكانات الجغرافية التي يزخر بها المغرب، وكذا دول الساحل، لاسيما تلك التي تفتقد الولوج إلى البحار، عبر تحويلها إلى منصات مفتوحة على الأسواق العالمية

تُعيد هذه المبادرة رسم مفهوم الجغرافيا كأداة استراتيجية مؤثرة؛ فلم يعد المحيط الأطلسي مجرد واجهة بحرية، بل تحوّل إلى منصة للتحرك الجيو-اقتصادي والدبلوماسي نحو العمق الإفريقي. وترتكز المبادرة على إرساء فضاء إقليمي مندمج من خلال سلسلة من التدخلات الهيكلية، تشمل ربط المغرب بدول الساحل عبر موانئ وطرق عابرة للحدود، وتطوير أسطول بحري وطني، وتعزيز الاستثمار في الاقتصاد الأزرق، وتحلية المياه، والزراعة الساحلية، إلى جانب فتح آفاق للتعاون في مجالات الطاقات المتجددة، والثروات البحرية، وتطوير وجهات سياحية مستدامة. ومن خلال هذه الرؤية المتكاملة، يتحوّل المغرب من دولة "جسر" إلى دولة "محفّزة" لنهضة إقليمية شاملة

ورغم طموح هذه الرؤية، لا يمكن التغاضي عن التحديات البنيوية العميقة التي تواجه دول الساحل، وعلى رأسها هشاشة الاقتصاد، وانتشار الأمية، وضعف الناتج الداخلي الخام، واستفحال الفقر. كما تُعقّد الطبيعة الجغرافية القاسية والتداخلات القبلية مشهد الاستقرار السياسي والاجتماعي. وعلى الرغم من غنى هذه الدول بالموارد الطبيعية، مثل الذهب واليورانيوم والنفط، إلا أن سوء إدارتها وغياب رؤية تنموية شاملة أبقياها رهينة للتقلبات والتبعية. من هذا المنطلق، تراهن المبادرة المغربية على نقل نموذج تنموي ناجح يقوم على الاستقرار السياسي، والإصلاح التدريجي، والانفتاح الاقتصادي، بما يمنح الدول الشريكة فرصة لإعادة بناء توازنها الداخلي

أما البُعد الأمني، فيحتل موقعًا محوريًا في هذه المبادرة. فالفجوات الأمنية الشاسعة في المنطقة تحوّلت إلى بيئة خصبة للجماعات الإرهابية والتنظيمات العابرة للحدود. وتطرح الرباط في هذا المجال مقاربة مزدوجة تقوم على تصدير خبرتها في مكافحة الإرهاب، وبناء منظومة تعاون أمني مؤسساتي مع دول الساحل، بهدف تعزيز مناعتها الأمنية واستقرارها الداخلي. وتتميّز هذه المقاربة بكونها تتجاوز الإرث الأمني الاستعماري، وتؤسس لنموذج أفريقي خالص مبني على الشراكة المتكافئة والسيادة المتبادلة، ما يجعل من هذه المبادرة نقطة تحول في تصور الأمن الجماعي بإفريقيا

ورغم ما تحمله هذه المبادرة من طموحات استراتيجية، فإن نجاحها لا يخلو من تحديات خارجية، أبرزها الموقف الجزائري السلبي تجاه أي تحرك مغربي في منطقة الساحل. فبدلاً من الانخراط في رؤية تكاملية تُعزز استقرار المنطقة، تواصل الجزائر الدفع برؤية إقصائية، قائمة على محاولة احتكار النفوذ من خلال استغلال عامل الجوار الجغرافي والروابط التاريخية مع بعض دول الساحل، دون تقديم بدائل فعلية تساعد على تجاوز أزماتها البنيوية. بل يتعدى الأمر أحيانًا حدود الامتناع عن المشاركة إلى عرقلة المبادرات، عبر الضغط الدبلوماسي أو تغذية الانقسامات الإقليمية، بما قد يُبطئ تنفيذ الرؤية المغربية أو يُثير الشكوك لدى بعض الشركاء الإقليميين

وتقتضي مواجهة هذا التحدي تجديد المغرب عزمه على تقديم نموذج واقعي قائم على النتائج، وتوسيع قاعدة الشركاء من داخل القارة وخارجها، بما يُحصّن المبادرة من محاولات التشويش، ويُرسّخ واقعيتها وشرعيتها كخيار استراتيجي لمستقبل المنطقة بأسرها

 

مراجع
  • Africa Center for Strategic Studies. (2025, May 20). The shifting front of militant Islamist violence in the Sahel. Global Upfront. 

  • African Security Analysis. (2025, March 7). Transition, tensions, and Al-Shabaab resilience in Somalia – March 2025. African Security Analysis

  • Africanews, & AP. (2025, July 24). Russia expands military footprint in Sahel with shift from Wagner to state-controlled Africa Corps. Africanews

  • Anyalebechi, S. M. (2024). Political instability and coups d'état in the Sahel region: The Malian experience, 2010–2023. Journal of Law and Global Policy, 9(2). International Institute of Academic Research and Development

  • Bassou, A. (2025, February). Le G5 Sahel est mort, vive le G7 sahélo: Une situation qui interpelle le Maroc et motive ses propositions de coopération [Policy brief No. 09/25]. Policy Center for the New South. 

  • Bøås, M., & Strazzari, F. (2020). Governance, Fragility and Insurgency in the Sahel: A Hybrid Political Order in the Making. The International Spectator, 55(4), 1–17. https://doi.org/10.1080/03932729.2020.1835324

  • Business Insider. (2025, March 12). Marco Rubio announces official end of most USAID programs. Business Insider.

  • CISA newsletter. (2025, May 21). How JNIM is dominating the terrorism landscape in the Sahel. CISA Newsletter. Retrieved August 9, 2025, from https://cisanewsletter.com/index.php/how-jnim-is-dominating-the-terrorism-landscape-in-the-sahel/

  • Counter Extremism Project. (2025.). Niger: Extremism & terrorism. 

  • Crisis Group. (2025). Sahel in Flux: Mapping Regional Collapse Risks. 

  • Cumming, G. D., van der Velde, R., & Chafer, T. (2024). Understanding the Performance, Survival and Collapse of African Ad Hoc Military Coalitions. African Security, 17(1–2), 87–114.

  • De León Cobo, B. (2024). Shifting alliances: The Sahel's geostrategic evolution in a multipolar era. Royal United Services Institute. 

  • EIIR. (2025, April 29). Russia’s mercenary influence in the Sahel region. European Institute for International Relations (EIIR).

  • Geological Survey. (2024). Mineral commodity summaries 2024: Rare earths. U.S. Department of the Interior. 

  • Institute for Economics & Peace. (2025). Global Terrorism Index 2025. 

  • Kalu, N., Omokhunu, G., & Bologi, M. U. (2025, January 5). 2025 Outlook – National security: Prospects, challenges, emerging threats. The Nation. Retrieved August 10, 2025

  • Mahmood, A. (2023). The G5 Sahel: At the Nexus of Fragility, Conflict, and Climate. Clingendael Institute.

  • New York Times. (2025). U.S. Quietly Withdraws from Niger Base Amid Rising Tensions.

  • Nsaibia, H. (2024). Conflict Watchlist 2024: The Sahel – A deadly new era in the decades-long conflict. Armed Conflict Location & Event Data Project (ACLED). https://acleddata.com/2024/01/17/conflict-watchlist-2024-the-sahel-a-deadly-new-

  • Priebe, M., Pollmann, M., Aoki, N., Evans, A. T., Gunness, K., Hinck, G., Leiter, S. J., de Lataillade, C., Waechter, N., Edenfield, N., et al. (2025, July 8). Balancing act — How allies have responded to limited U.S. retrenchment (RB-A739-3). RAND Corporation

  • Russell, S. (2025). Editorial – Rethinking peace and security in a fragmented landscape. Africa in Fact. https://africainfact.com/editorial-rethinking-peace-and-security-in-a-fragmented-landscape/

  • Sakhri, M. (2025, 28 mars). Le phénomène des divisions et des conflits entre les branches de « Boko Haram » dans la région du Sahel africain. World Policy Hub. Dernière mise à jour : 28 mars 2025

  • SBM Intelligence. (2025). Security Trends in Northern Nigeria: Jan–June 2025. 

  • Stockholm School of Economics. (2024, September 25). Russia’s growing influence in Africa: Why it matters for the continent’s future [Policy brief]. HHS

  • U.S. Government Publishing Office. (2025, June 14). Proclamation 10949 – Suspension of entry as immigrants and nonimmigrants of certain nationals. Federal Register. 

  • UNDP West and Central Africa Regional Hub. United Nations Development Programme.

  • United Nations Development Programme. (2025). The Future of Governance in the Sahel (1st ed.). 

  • United Nations. (2025, August 8). Escalating terrorism in West Africa, Sahel hits women hardest, speakers tell Security Council. UN Pres

  • USAID. (2023). USAID programs in Africa. U.S. Agency for International Development. 

  • Vircoulon, T. (2024, 25 juillet). Ce que la France perd en fermant ses bases militaires en Afrique. The Conversation

  • Wilén, N., & Aning, K. (2025, April 29). Stepping up engagement in the Sahel: Russia, China, Turkey and the Gulf States (Africa Policy Brief No. 375). Egmont Institute

     

RELATED CONTENT

  • October 21, 2025
    تعيش منطقة الساحل مرحلة غير مسبوقة من تصاعد العنف السياسي والإرهاب، إذ أصبحت منذ 2025 مسؤولة عن أكثر من نصف الوفيات المرتبطة بالإرهاب عالميًا. هذا التحول يعكس فشل الدول في استعادة ثقة المواطنين، وانهيار المؤسسات الأمنية، وتراجع الوجود الدولي، ما أفسح المجال لتوسع الجماعات المسلحة مثل “نصرة الإسلام والمسلمين” و”تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى”. جاءت الانقلابات المتتالية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر كنتيجة لأزمات داخلية بنيوية عمّقت هشاشة الحكمتشهد المنطقة تفاوتًا في أنماط العنف؛ فبور ...
  • Authors
    Fadoua Ammari
    March 13, 2025
    L’extrémisme violent au Sahel trouve ses racines dans une combinaison de facteurs historique, politique et socio-économique, tels que l’instabilité étatique, la marginalisation de certaines communautés et l’influence d’idéologies transnationales. Ce Papier retrace l’émergence et l’expansion de groupes comme Al-Qaïda au Maghreb Islamique (AQMI) et l’État islamique au Grand Sahara (EIGS), ainsi que leur fragmentation, illustrée par la création de nouveaux groupes, comme le ...
  • Authors
    March 7, 2022
    More than two years ago I wrote in a report: “The current downward security trends in Mali, Niger, and Burkina Faso should serve as a wake-up call for the states in the Gulf of Guinea, mainly Ivory Coast, Ghana, Togo, and Benin.” Recent attacks in the northern Ivory Coast and Benin show that signs of earlier years now have taken on unique characteristics. Signs of the expansion of violent extremist organizations (VEOs) to coastal states have been there since at least since 2015. The ...
  • Authors
    March 1, 2022
    Dans un contexte de gouvernance complexe, où autorités traditionnelles et modernes se côtoient même si leur pouvoir décroît, le Mali connait depuis de nombreuses années une situation sécuritaire alarmante, notamment dans le centre du pays. La montée des tensions entre communautés agricoles et pastorales est aggravée par la présence de groupes extrémistes. La population du Cercle de Niono, dans la région de Ségou, a été victime de violences inouïes pendant plusieurs mois avant que de ...
  • Authors
    November 9, 2021
    Events in the Sahel, and Mali especially, are taking an uncertain and worrying turn. Mali witnessed two coups d’état in less than a year, while the West African Sahel went through its most violent year yet and there are no signs that the violence is slowing down. In the midst of this unprecedented instability, recent developments involving Mali’s transitional government and the international community, France in particular, provide no assurances that things are likely to improve any ...
  • Authors
    November 2, 2021
    In the Sahel, and Central Mali in particular, the proliferation of armed groups over the past decade has resulted in formal and informal non-state governance structures. This paper assesses the various definitions and typologies associated with rebel and jihadist governance in order to better understand the mechanisms of governance provision used by key non-state governance providers in Central Mali.   ...
  • Authors
    Pascal Chaigneau
    Eugène Berg
    Rodolphe Monnet
    Jacques Gravereau
    Jérémy Ghez
    Olivier Tramond
    Niagalé Bagayoko
    Alain Oudot de Dainville
    Jérôme Evrard
    Coordination de l’ouvrage: Imane Lahrich
    Fatine Cherkaoui
    October 28, 2021
    Depuis l’accession au trône du Roi Mohammed VI, l’Afrique s’est transformée en priorité de la diplomatie marocaine. Sur le plan économique, l’Afrique est devenue le prolongement naturel du Maroc en termes d’investissements et d’implantations. Pascal Chaigneau s’attarde sur les relations affaiblies Europe-Afrique, l’ambitieuse relation Chine-Afrique ainsi que les relations entre la Russie, les Etats-Unis, la Turquie ou encore les pays du Golf et l’Afrique. Ce chapitre traite égalemen ...
  • May 4, 2021
    The Sahelian states of Niger, Mali, and Burkina Faso continue to face unprecedented violence arising from multidimensional conflicts. According to the Africa Center for Strategic Studies (2019), “the Sahel has experienced the most rapid increase in activity by militant groups of any region in Africa in recent years. Violent events involving extremist groups in the region have doubled every year since 2015”. In addition to the presence of multiple violent extremist organizations (VEO ...
  • Authors
    Sabine Cessou
    January 4, 2021
    Mali, Niger, Burkina Faso… L’insécurité fait tache d’huile au Sahel, menaçant de s’étendre aux pays du Golfe de Guinée. Le terrorisme a entraîné la formation de milices d’auto-défense communautaires, et ainsi créé des « friches » sécuritaires dans tout le Sahel, du Bassin du lac Tchad à la région du Liptako-Gourma. Les budgets consacrés à la défense augmentent, contrairement à ceux qui soutiennent le capital humain, santé et éducation. Dans un contexte de croissance démogr ...
  • Authors
    October 13, 2020
    Following months of negotaitions, extremist group JNIM released three foreign and one Malian political leader hostages. Malian government led these talks while France and Italy played minor role, if any at all. JNIM received at least €10 million in addition to 204 of its members released from prison. One of the prisoners released is charged in the U.S. with the murder of a U.S. during Ouagadougou, Burkina Faso attack in 2016. Other members released would provide a major boost to JNI ...