Publications /
Policy Brief

Back
قرار مجلس الأمن 2797 :التزكية الدولية لخيار الحكم الذاتي
November 19, 2025

بعد ثمانية عشر سنة على تقديمها إلى مجلس الأمن كمساهمة من المغرب في حل الخلاف الإقليمي حول الصحراء المغربية، حظيت مبادرة الحكم الذاتي بموجب القرار2797 المؤرخ في 31 أكتوبر2025 بتزكية مجلس الأمن بأغلبية مريحة كأساس وحيد للتفاوض من أجل حل نهائي لهذا الخلاف. وكان رد فعل المغرب على اعتماد هذا القرار سريعا، إذ مباشرة بعد التصويت، وبينما كانت وفود الدول الأعضاء في المجلس تشرح تصويتها على القرار، وجه جلالة الملك خطابا إلى الأمة مرحبا بهذا التغيير التاريخي الذي يشكل "مرحلة مفصلية ونقطة تحول حاسمة في تاريخ المغرب الحديث

وأعرب جلالة الملك في خطابه عن امتنانه لجميع الدول التي دعمت مقترح الحكم الذاتي المغربي، وخص بالذكر الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا، التي ساهمت جهودها في جعل هذه التطورات ممكنة

ودعا جلالته بعد ذلك سكان مخيمات تندوف إلى اغتنام هذه الفرصة التاريخية للالتحاق بوطنهم الأم، والمشاركة على قدم المساواة مع مواطنيهم المقيمين في أقاليمنا الجنوبية، في التنمية الوطنية في إطار الحكم الذاتي. كما وجه جلالة الملك أيضا "نداءا أخويا إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من أجل حوار صادق لتجاوز الخلافات، وبناء علاقات جديدة وإحياء الاتحاد المغاربي على أساس الاحترام المتبادل والتعاون والتكامل

استقلال ذاتي معترف به دولياًً

يكتسي القرار 2797 طابعا تاريخيا لعدة أسباب أولها أن الطبيعة الحصرية للحكم الذاتي كإطار وحيد للتفاوض على حل سياسي حسم بشكل نهائي مسألة السيادة حيث أن خيار الاستقلال أصبح مستبعدا والرهان الوحيد المطروح في المفاوضات المقبلة سيكون مدى الصلاحيات التي سيمنحها المغرب لجهة الصحراء في إطار الحكم الذاتي. ونتيجة لذلك، فإن مسألة ضم الصحراء إلى التراب الوطني لن تعود مطروحة في إطار الاتفاقيات الدولية أو من اختصاص محكمة العدل الأوروبية أو أي هيئة أخرى. وستكون الأمم المتحدة المنبر الوحيد للتعامل مع هذا الخلاف حيث ستجرى المفاوضات تحت رعايتها

ثانيا، أحدث القرار2797 قطيعة واضحة بالمقارنة مع القرارات السابقة، سواء من حيث إيجازه أو من حيث الطابع الحصري الذي أضفاه على مقترح الحكم الذاتي المغربي كإطار للحل السياسي لهذا الخلاف. وبذلك، يمنح المجلس زخما جديدا ودينامية جديدة لجهود الأمم المتحدة الرامية إلى التوصل إلى تسوية نهائية لهذا الخلاف الذي يعود تاريخه إلى نصف قرن

ويمثل القرار الجديد من حيث شكله وأبعاده وآثاره نقطة تحول في إدارة هذه القضية من قبل الأمم المتحدة وليس مجلس الأمن وحده، كما يؤشر على تسريع مرتقب لمسار الحل النهائي على أساس الحكم الذاتي المتفاوض عليه في إطار سيادة المملكة

من حيث الشكل، يختلف القرار الجديد تماما عن النهجِ المتَّبَع حتى الآن في صياغة قرارات المجلس. فعادة ما يتخذ الوفد المسؤول عن صياغة مشروع قرار معين - وهو غالبا ما يكون عضوا دائما - القرار السابق كنقطة انطلاق لإدراج العناصر الواقعية الجديدة، مع الحرص على عدم تغيير هيكل أو بنية النص أو لغته، باعتبارِهما نتيجة لتراكم العديد من الحلول الوسط التي تم التفاوض عليها على مر السنين الماضية

وعندما يتعلق الأمر بالتعامل مع القضايا التي طال أمدها أو المدرجة منذ فترة طويلة على جدول أعمال المنظمة، فإن تقاليد الأمم المتحدة تتبع نهجا يتسم بالحذر والحكمة والاستمرارية. فعملية صنع القرار تتحرك ببطء، ليس بدافع الجمود أو التهاون، بل حرصا على الحفاظ على التوازنات الهشة التي تم إرساؤها أو إنشاؤها بصبر في القرارات السابقة، والتي جاءت تتويجاً لسنوات - بل ولعقود - من المفاوضات الشاقة والمضنية

ومع مرور الوقت، تكتسب هذه النصوص شكلاً من أشكال القدسية الدبلوماسية، مما يضفي على بنيتها ولغتها حصانة ضمنية ضدّ أيّ مراجعاتٍ جوهريةٍ أو تعديلاتٍ عميقة. وهكذا تُصبحُ إعادة استخدامِ الصيغِ نفسها تقريبًا هي القاعدة، مما يعكس السعي إلى تحقيق توافق دائم والرغبة في تجنب أي خطر لإعادة فتح النقاشات الحساسة

وفي هذا السياق، تكون التعديلات المقبولة أو المسموح بها عموما ذات طابع تقني كتحديث التواريخ، أو تغيير أسماء المبعوثين، أو الممثلين الخاصين، أو إدراج إشارات محايدة إلى الأحداث الأخيرة. أما الهيكل العام للنص فيبقى دون تغيير في حرص شديد على الإبقاء على التوازن، بحيث يصبح ثبات هيكلِ القرارِ ولغتِه غاية في حدِّ ذاتها، حتى وإن لم يعكس الواقع بدقة

في سنة 2025، اعتمد الوفد الأمريكي، وهو الجهة المسؤولة عن صياغة مشروع القرار المتعلق بالصحراء المغربية مقاربة مبتكرة من حيث الهيكل والصياغة والمضمون

فيما يتعلق بالهيكل، أحدث وفد الولايات المتحدة ثورة حقيقية في نص عام 2025 من خلال تقليص عدد فقرات الديباجة والفقرات العاملة. وهكذا فإن الديباجة التي كانت تضم حتى الآن ستاً وعشرين (26) فقرة، لم تَعُدْ تضمّ سوى ثماني (8) فقرات فقط، بينما انخفض عددُ فقراتِ القسم التنفيذيّ من سبع عشرة (17) فقرة إلى ستّ (6) فقرات أي بتقليصٍ يُقاربُ الثلثين في كلا الجزأين من النصّ

ومن حيث النهج، فقد تعمد الوفد الأمريكي رفع السقف عالياً جداً في مقاربته من خلال تعميم صيغة أولية تعكس الدعم الدولي الواسع للمبادرة المغربية، واصفا إياها بالإطار الشرعي الوحيد للتفاوض، وذلك من أجل الاحتفاظ بهامش مناورة كبير خلال المفاوضات مع الطرف الرئيسي المناوئ، روسيا، وأيضاً لاستيعابِ الطلباتِ المتعلّقةِ بإدخالِ تعديلاتٍ لا تُؤثّرُ في نهايةِ المطاف على الهدفِ الجوهري، والمتمثّل في ترسيخِ مبادرةِ الحكمِ الذاتي. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن النص الأولي والقرار النهائي لم يعد يشيرلا إلى الاقتراح الذي قدمته البوليساريو في عام 2007، ولا إلى النص الذي قدمته إلى المجلس في 20 أكتوبر 2025

استقلال ذاتي تحت السيادة المغربية

على مستوى الديباجة، اكتفى القرار بالتذكير بجميع القرارات السابقة وإعادة التأكيد عليها دون سرد أو تمييز أي منها. واستنادا إلى هذا النهج، لم ير المجلس ضرورة إعادة الإشارة إلى الاجتماعات السابقة بين الأطراف حول موائدِ الحوار، ولا إلى الجوانبِ التقنيةِ المتعلّقةِ بأداءِ بعثةِ المينورسو وترشيدِ إدارتِها، أسوةً بغيرها من بعثاتِ حفظِ السلام الأخرى، ولا إلى انتهاكاتِ وقفِ إطلاقِ النارِ من قِبلِ البوليساريو

إذا كان مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير المنصوص عليه في القرارات السابقة، وكذلك في المبادرة المغربية للحكم الذاتي مذكورا في كل من الديباجة والقسم التنفيذي من القرار، فإن مسألة الاستفتاء لم تتم الإشارة إليها بتاتا بحكم أنها أصبحت أمرا متجاوزا منذ سنة 2001، عندما قرر المجلس التوجه نحو حل سياسي توافقي 

 ويحيط القرار "علما بالدعم الذي أعربت عنه العديد من الدول الأعضاء للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كأساس لحل عادل ودائم ومقبول من الطرفين للخلاف"، كما "يؤكد أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية والأكثر قابلية للتطبيق "

 

وأخيرا، وكعنصر جديد،" أعرب المجلس عن ترحيبه باستعداد الولايات المتحدة لاستضافة مفاوضات في إطار المهمةِ التي يقودها المبعوث الشخصي للتوصل إلى حل للصحراء الغربية والمنطقة

وحرصا من متبني القرار اعتمادِ قرار عملي يتمحور حولَ الحكمِ الذاتي، قلص المجلس القسمِ التنفيذيّ من القرار كما أسلفنا إلى ستّ (6) فقرات، من بينها فقرتان جوهريّتان

الفقرة 2 "يدعم تماما الجهود التي يبذلها الأمين العام ومبعوثه الشخصي لتيسير وإجراء مفاوضات على أساس خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب للتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة ومقبولة من طرفي الخلاف، وفقا لميثاق الأمم المتحدة، ويتطلع إلى تلقي مقترحات بناءة من الأطراف بشأن خطة الحكم الذاتي

بهذه الفقرة، يوجه مجلس الأمن الآن جهود مسؤولي الأمم المتحدة نحو المفاوضات على أساس مفهوم الحكم الذاتي، استجابة للمبادرة المغربية وليس بمعزل عنها. ونتيجة لذلك، فإن أي مقترح ينافس أو يغير المشروع المغربي، مثل "مقترح الحل السياسي المقبول للطرفين الذي ينص على تقرير مصير شعب الصحراء الغربية واستعادة السلام والاستقرار الإقليميين"، الذي قدمته البوليساريو على عجل في 20 أكتوبر 2025 عبر بعثة جنوب أفريقيا لدى الأمم المتحدة، يتم استبعاده تلقائيًا من عملية الأمم المتحدة لأنه يتجاوز الإطار الذي حدده المجلس. وقد تم تأكيد هذا المطلب وتكراره في الفقرة 3 من القرار

هذا الأخير "يدعو الطرفين إلى المشاركة في المناقشات دون شروط مسبقة وعلى أساس خطة الحكم الذاتي المقترحة من قبل المغرب، من أجلِ التوصّل إلى حلّ سياسيّ نهائيّ ومقبول من الطرفين، يضمن حق تقريرِ مصيرِ سكانِ الصحراءِ الغربية ويعتبر أن الحكم الذاتي الحقيقي يمكن أن يمثل الحل الأكثر واقعية، ويشجع الطرفين على تبادل الأفكار دعماً لحل نهائي ومقبول للطرفين

من خلال استخدام صفة "حقيقي" لوصف نظام الحكم الذاتي الذي اقترحته المبادرة المغربية، يرى المجلس أن المقترح المغربي بالصيغة التي قدم بها في نيسان/أبريل 2007، لا يتضمن تفاصيل كافية ويستحق مزيداً من التطوير والشرح لجعله أكثر جاذبية للأطراف الأخرى ولسكان مخيمات تندوف. والآن، إذا كان المغرب قد امتنع حتى الآن عن الاستجابة لهذا الطلب من الأمم المتحدة والقوى العظمى، في انتظارِ قبول الأطراف الأخرى الدخول في مفاوضات تقوم على أساسِ الحكمٍ الذاتي التفاوضي، إلا أن الوضع تغير بعد 31 أكتوبر حيث أقر المجلس فعليًا مبادرة المغرب كأساس للتفاوض. وفي الواقع، فإن الالتزام بتقديم استجابة إيجابية لهذا الطلب قد تم التعبيرعنه رسمياً من طرف عاهل البلاد عندما أعلن مباشرة بعد اعتماد القرار 2797 أنه "تماشياً مع قرار الأمم المتحدة، سيقوم المغرب بتحديث ومراجعة صياغة مفصلة لمقترح الحكم الذاتي لتقديمه لاحقاً إلى الأمم المتحدة. وكحل واقعي وقابل للتطبيق، يجب أن تشكل الأساس الوحيد للتفاوض

وأخيرا، من أجلِ ضمانِ متابعةٍ ومراقبةٍ فعّالتين لتنفيذِ القرارِ من قِبلِ الأطراف ومساءلة كل منهما عن تنفيذه، دعا المجلس الأمين العام إلى أن يقدم إليه تقريرا كلما رأى ذلك مفيدا خلال فترة الولاية، وأن يقدم إليه، في غضون ستة أشهر من تمديد الولاية، تقييمًا استراتيجيًا بشأنِ التفويضِ المستقبليِّ لبعثةِ المينورسو، مع الأخذِ بعينِ الاعتبارِ نتائجَ المفاوضات (الفقرة 5 من القرار). وبناءً على ذلك، ليسَ من المستبعَد أن يُفضي تقييمُ مجلسِ الأمنِ لمدى التقدّمِ - أو غيابِه - في المسارِ الجديدِ الذي أطلقهُ القرار، إلى التأثيرِ على طبيعةِ أنشطةِ بعثةِ المينورسو وتفويضِها

سيتم إجراء هذا التقييم من قبل المجلس الذي سيتم تجديد ثلث أعضائه اعتبارًا من فاتح يناير 2026، مع مغادرة الجزائر وكوريا الجنوبية وغيانا وسيراليون وسلوفينيا، ودخول البحرين وكولومبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ولاتفيا وليبيريا إلى المنافسة

إنّ التصويتَ على القرارِ والتوضيحاتِ التي أعقبته يُتيحانِ تَقديرَ مدى التزامِ معظمِ الأعضاءِ الحاليينَ في المجلس الملتفّينَ حولَ نواةٍ صلبةٍ مكوَّنةٍ من الأعضاءِ الدائمينَ الثلاثةِ الغربيين، في مقابلِ حذرِ البعضِ الآخر، وتشدّدِ - بل وعداءِ - قلّةٍ ضئيلةٍ من الأعضاء

الجزائر : مرارة نهاية الولاية في مجلس الأمن 

اعتُمد القرار بأغلبية 11 صوتاً مؤيداً (كوريا الجنوبية، الدنمارك، الولايات المتحدة، فرنسا، اليونان، غيانا، بنما، المملكة المتحدة، سيراليون، سلوفينيا والصومال) وامتناع ثلاثة أعضاء عن التصويت (الصين وباكستان وروسيا) و رفض عضو واحد المشاركة في عملية التصويت (الجزائر).وإذا كان العنصرُ الأهمُّ يكمُنُ في اعتمادِ المجلسِ للقرارِ بغضّ النظرِ عن حجمِ الأغلبيةِ التي حصل عليها أو التصريحاتِ الصادرةِ قبلَ التصويتِ أو بعدَه، فإنّ التوضيحاتِ التي رافقت عملياتِ التصويتِ تُتيحُ فَهمًا أعمقَ لمواقفِ كلِّ طرفٍ، ولا سيّما عندما يتعلّقُ الأمرُ بعضوٍ دائم، ممّا يُسهمُ في استشرافِ المراحلِ اللاحقةِ من المسار

تبعا للتقليد الذي يقضي بالاستماع أولا إلى الوفد الذي أجرى المفاوضات بصفته الجهةَ المكلَّفةَ بصياغةِ القرار، رحب الممثل الأمريكي بـ "التصويت التاريخي" الذي جرى، والذي "يغتنم هذه اللحظة الفريدة ويبني على الزخم من أجل سلام طال انتظاره في الصحراء الغربية

وأشار إلى أن الولايات المتحدة "بذلت جهدا صادقا لإدماج المقترحات العديدة والمتنوعة من جميع أعضاء المجلس"، مضيفا أن الولايات المتحدة ورئيسها، دونالد ج. ترامب، لا تزال ملتزمة بحزم بالسلام. ثم دعا جميع الأطراف إلى الاستفادة من الأسابيع المقبلة للانخراط في مناقشات جادة، استنادا إلى مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب، والذي وصفه بأنه "ذو مصداقية وواقعي"، و"الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للخلاف". وأخيرا، أعرب عن اقتناع بلاده "بأن السلام الإقليمي ممكن هذا العام، وسنبذل كل ما في وسعنا لتشجيع التقدم نحو هذا الهدف المشترك المتمثل في تحقيق السلام والازدهار لساكنة الصحراء الغربية

ومباشرة بعد المندوب الأمريكي، أخذ السفير الجزائري، الذي قرر كما في العام الماضي عدم المشاركة في التصويت، الكلمة ليوضح أن تصويته كان "للنأي بالنفس عن نص لا يعكس مبدأ الأمم المتحدة بشأن إنهاء الاستعمار".  ثمّ، وبعد أن استشهدَ بفكرةٍ للرئيسِ الأمريكيِّ الأسبق وودرو ويلسون حولَ الأهميةِ التاريخيةِ لمبدأِ تقريرِ المصير، وجّهَ انتقادًا للقرارِ باعتبارِه يقترح إطارا ضيّقًا للتفاوض "يُبرِزُ بوضوحٍ الطموحاتِ الإقليميةَ لطرفٍ من أطرافِ الخلاف، متجاهلًا في الوقتِ نفسِه التطلّعاتِ المشروعةَ لشعبِ الصحراءِ الغربية

وبعد أن أشار إلى أن القرار يتجاهل الاقتراح الذي أحالته البوليساريو إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي في 20 أكتوبر الماضي ونشر كوثيقة رسمية للجمعية العامة والمجلس (تحت غطاء بعثة جنوب إفريقيا)، اعتبرت الجزائر أن القرار الذي تم اعتماده يثير تساؤلات قانونية سياسية خطيرة (دون تحديدها) ويهدد "بتصدع النظام الدولي". وأخيرا، أعربت عن أسفها لأن مبادرة الرئيس ترامب لتحقيق السلام والهدوء في المنطقة، التي أثارت اهتماما وآمالا، لم تستطع أن تنطلق بدعم جميع الأطراف

وجدد ممثل فرنسا التأكيد على الموقف الثابت لبلاده بأن "حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يكمنان في إطار السيادة المغربية" وأن "الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار الذي يجب أن تُحل فيه هذه القضية

 ورحب ممثل المملكة المتحدة باعتماد القرار، الذي يسلط الضوء على مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب باعتباره "الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق براغماتية"، وقال إنه يتطلع إلى "جهدٍ من جانبِ المغرب في اتّجاهِ تطويرِ هذا المقترح"، بهدف المساهمة في حل سياسي مقبول من الطرفين

 أما بالنسبة لسلوفينيا وجمهورية كوريا الجنوبية والدنمارك وغيانا، فقد أكد مندوبوها على أن أي حل مستقبلي يجب أن يأخذَ بعينِ الاعتبارِ حق تقرير المصير، مؤكدين على ضرورةِ تعزيزِ تعاونِ جميعِ الأطرافِ مع المبعوثِ الشخصيّ للأمينِ العام. وعلى نفس المنوال، شدد مندوب باكستان، مستحضرا خلاف بلادهِ مع الهند حولَ كشمير، على "الطابعِ المقدّسِ لمبدأِ حقِّ الشعوبِ في تقريرِ المصير"، والحاجة إلى "مشاركة جميع الأطراف على قدم المساواة" في البحث عن حل لهذا الخلاف

وأخيرا، أعرب السفير الروسي ورئيس المجلس لشهر أكتوبر عن أسفِه لكونِ الولاياتِ المتحدة قد استخدمت فيما وصفَهُ بـ"نهجِ رعاةِ البقر" ، مجلسَ الأمنِ لخدمةِ إستراتيجيةٍ وطنية، ووصَفَ الخطوةَ الأمريكيةَ بأنّها "حوارٌ أحاديٌّ يُسيّسُ مسارَ البحثِ عن حلٍّ متبادَلِ القبول، في حين أنّ جوهرَه ومعاييرَه لا تكمُنُ إلا في القراراتِ ذاتِ الصلةِ الصادرةِ عن مجلسِ الأمن. واعترف بأن الجهد التفاوضي الأخير "أتاح تجنب التصويت السلبي" وأن روسيا "لم تختر عرقلة تمديد ولاية مينورسو من أجل إعطاء فرصة لعملية السلام

لقد كانت مؤشرات هذا الموقف بادية في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 13 أكتوبر 2025، "أي حل لن يكون مقبولاً إلا عندما تشعر جميع الأطراف المعنية بصدق أنه تم التوصل إلى حل على أساس توازن عادل للمصالح". وهذا يعني أنه مهما كانت مزايا وعدالة المقترح، فإن كل طرف، أو من يعتبرون كذلك، يملك حق الفيتو الحقيقي لمنع إحراز أي تقدم في البحث عن حل سياسي يريده الجميع

 أما الصين، التي كان من المتوقع أن تطور موقفها هذا العام، فقد قررت الامتناع عن التصويت على القرار 2797، في حين أنها كانت قد صوتت لصالح القرارين 2023 و2024. وقد حاول ممثلها تبرير هذا التغيير في التصويت بعدم كفاية الجهود التي بذلها الوفد الأمريكي للتوصل إلى نص توافقي، مع التأكيد على المعايير التقليدية للدبلوماسية الصينية بشأن التمسك بالحوار والتفاوض من أجل التوصل إلى حل عادل ومستدام

ردود الفعل المتباينة على قرار المجلس

ومباشرة بعد اعتماد القرار، أعرب جلالة الملك عن مشاعر الارتياح والتواضع، وعن عزم المغرب العمل مع الأمم المتحدة من أجل إنهاء هذا الخلاف بشكل نهائي وفقًا لالتزاماته. أما الجزائر، فقد التزمت صمتا تاما قبل أن تعلن، على لسان وزير خارجيتها أحمد عطاف، أن القرار مكن من "الحفاظ على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره"، و"إحباط بعض المناورات التي قام بها المغرب الذي أراد تفكيك أو تغيير جذري لولاية مينورسو" و" إلغاء أو تهميش فكرة إجراء استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي ". وأرجع الفضل إلى بلاده في عدم وجود أي إشارة إلى السيادة المغربية على الصحراء في "جوهر النص"، وبينما اعترف بأن "الجزائر كانت قريبة جدًا من التصويت لصالح القرار"، أوضح أن بلاده قررت في نهاية المطاف عدم المشاركة في التصويت لأن الإشارة إلى السيادة المغربية في الديباجة لم تُحذف

ومع ذلك، من المهمّ التذكيرُ بأنّه بموجب المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة "يوافق أعضاء الأمم المتحدة على قبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفقاً لهذا الميثاق". وإذا كانت هذه القرارات ملزمة للدول الأعضاء، فهي ملزمة من باب أولى لأعضاء المجلس؛ وعدم المشاركة في التصويت على قرار ما لا يمكن أن يعفي أحد أعضاء المجلس من مسؤولية احترام هذا الالتزام وتنفيذه

من جانبِه، تفاعلَ البوليساريو مع القرارِ بشكل خافت، حيث اكتفى "بأخذِ العلمِ ببعض عناصر النص، التي تشكل انحرافاً خطيراً وغير مسبوق عن الأساس الذي يتناول على أساسِه مجلس الأمنِ القضيةَ بوصفِها قضيةَ تصفيةِ استعمار" وأعلنت بعد ذلك أنها "مستعدة للانخراط بشكل إيجابي في عملية السلام وإجراء مفاوضات مباشرة مع الطرف الآخر على أساس روح ومضمون اقتراحها الموسع ووفقاً لقرار الجمعية العامة 1514 وقرارات الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة

وحري بالذكر أنه قبل أربعة أيام من اعتماد القرار، رفضت البوليساريو "رفضا قاطعا أي مبادرة مثل مشروع القرار الذي روجت له الولايات المتحدة "الرامية إلى فرض خطة الحكم الذاتي المغربية أو الحد من حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير مستقبله بحرية"، وأكدت البوليساريو أنها "لن تشارك في أي عملية سياسية أو مفاوضات تسعى إلى إضفاء الشرعية على الاحتلال العسكري غير الشرعي للصحراء الغربية أو تفريغ مبدأ تقرير المصير، وهو حجر الزاوية في القانون الدولي، من مضمونه

لقد حدد القرار 2797 بوضوح معايير وإطار المفاوضات، التي بذل المغرب جهودا متواصلة من أجلها منذ عام 2007. ونجح، بصبر وبخطوات حثيثة في أن يبرهن للأمم المتحدة وشركائه المؤثرين على سلامة مقاربته التوافقية، التي يبقى هدفها النهائي تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على حسن الجوار. وعليه، فإن مرحلة جديدة على وشك أن تبدأ تحت أعين مجلس الأمن والراعي الأمريكي، يتم خلالها اختبار مدى استعداد كل طرف من الأطراف وحسن نيته وروح مسؤوليته والتزامه بتقديم مساهمته في بناء الصرح المغاربي

وكما للملكيات الكبرى في أوروبا تقاليد وهياكل سياسية وتنظيمية متجذرة في تاريخها وترتكز عليها طريقة عمل مجتمعاتها، فإن للمغرب تقاليده وهياكله الخاصة به ولا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يحيد عنها. لذلك، يوفر هذا المشروع فرصة إعادة التأكيد على الفضائل التي شكلت هوية المملكة التعددية وعززت وحدتها الوطنية، وساهمت في الحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها

RELATED CONTENT

  • June 28, 2022
    ستتطرق هذه الحلقة الجديدة من برنامج حديث الثلاثاء الى العلاقة الثنائية المغربية الجزائرية عبر التركيز على المناطق الحدودية بين البلدين الجارين انطلاقا من وجهة نظر تاريخية علمية. فكيف تخبرنا الحدود عن طبيعة العلاقات بين البلدين الشقيقين؟ وكيف من الممكن ان نبني انطلاقا من هنا رؤية لمستقبل...
  • Authors
    Sabine Cessou
    May 17, 2022
    Ce thème, abordé au Centre HEC de Géopolitique à Jouy-en-Josas, lors de la 12e édition des Dialogues stratégiques avec le Policy Center for the New South, une rencontre semestrielle, a permis de revenir dans le détail sur cette zone qui relie la Méditerranée à l’océan Indien, à la jointure de trois continents : l’Asie, l’Afrique et l’Europe. Cette route maritime qui s’étend sur plus de 2 200 km, pour une largeur qui varie de 300 km à moins de 30 km entre Djibouti et le Yémen, r ...
  • May 13, 2022
    Depuis 2016, le Policy Center for the New South et le Centre HEC de Géopolitique organisent chaque année deux éditions des « Dialogues Stratégiques ». Cette plateforme d’analyse et d’échange réunit des experts, des chercheurs provenant de différents think-tanks et du monde académique, d...
  • Authors
    Patricia Ahanda
    April 22, 2022
    Le second tour des élections présidentielles françaises qui se tiendra ce 24 avril 2022 opposera de nouveau Emmanuel Macron, le président sortant, et Marine Le Pen, présidente du Rassemblement national. Pourtant, cette nouvelle élection n’est en rien similaire à celle de 2017. Cette élection est un nouvel affrontement politique entre deux leaders aux projets totalement opposés. C’est un duel politique français marqué par des bouleversements sociaux, économiques, générationnels, pol ...
  • April 5, 2022
    يخصص مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد حلقة برنامجه الأسبوعي "حديث الثلاثاء" لمستقبل العلاقات المغربية الاسبانية مع العربي الجعايدي، باحث بارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد عرفت العلاقة الثنائية المغربية الإسبانية تطوّرًا ملحوظًا مع إعلان الحكومة الإسبانية مساندتها لمبادرة الحكم ...
  • Authors
    September 30, 2021
    Les faits ont été largement relayés par la presse : le mardi 28 septembre, le porte-parole du gouvernement français, Gabriel Attal, confirmait sur le plateau de la chaine de télévision Europe 1 la décision de réduire « drastiquement » le nombre de visas accordés aux citoyens des pays du Maghreb (pour la Tunisie un 30% et pour le Maroc et l’Algérie du 50% par rapport aux chiffres de 2020, déjà très bas à cause de la pandémie). Le porte-parole a expliqué cette déci ...
  • September 7, 2021
    Le 24 août 2021, le Ministre algérien des Affaires étrangères a convoqué une conférence de presse pour annoncer la rupture des relations diplomatiques avec le Maroc, avec effet immédiat. Cette décision, d’essence unilatérale, diffère de la rupture qui découle d’une décision adoptée par le Conseil de sécurité dans le cadre du Chapitre 7 de la Charte des Nations unies. En effet, dans le cas des pays qui font l’objet de sanctions, comme l’Afrique du Sud du temps de l’apartheid, le Cons ...
  • Authors
    Amine Harastani Madani
    July 29, 2020
    Parler de de l’Union africaine sans évoquer la place qu’y occupe le Maroc serait incomplet, car le Royaume a contribué activement à la construction africaine, s’en est séparé, en signe de protestation contre le non-respect de la légalité internationale par les organes de la défunte Organisation de l’Unité africaine pour, ensuite, y retourner, dans le cadre de l’Union africaine. Doit-on parler de retour ou d’admission ? Indépendamment de la réponse apportée à cette question, il convi ...
  • Authors
    March 30, 2020
    .publication_wrapper ul li{ list-style:disc} .publication_wrapper ul{ padding:0 0 25px 30px;} Depuis le 12 mars, les frontières et les communications aériennes, maritimes et terrestres entre l’Espagne et le Maroc sont fermées à cause de la crise du COVID-19. Mais au-delà de la fermeture transitoire des frontières, la crise sanitaire, doublée de la crise économique qui se laisse déjà ressentir en Espagne, aura un fort impact sur un million de ressortissants marocains résidant en Esp ...