Publications /
Opinion

Back
قراءة في آخر رسالة لأيمن الظواهري: خوف من أفول نجم القاعدة
Authors
September 19, 2018

جريا على عادته في الاستفادة من المناسبات للتواصل بين زعامة التنظيم و أتباعه، اغتنم زعيم تنظيم القاعدة ذكرى أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر الإرهابية، التي ضربت الولايات المتحدة سنة 2001 لتوجيه تعليمات قد تعتبر جديدة أو مجددة لأتباعه في كل بقاع العالم
   وضع الظواهري رسالته تحت عنوان: "كيف نواجه أميركا؟". يثير هذا العنوان بعض الاستغراب: هل يدل الظواهري أنصاره على الطريقة التي يجب أن يحاربوا بها أميركا بعد مضي أكثر من ربع قرن على اندلاع هذه الحرب أم أن ثمة أمر جديد يقتضي إما التذكير بأمور قديمة أو مد القاعدة بتعليمات جديدة أو خطط محدثة على الحرب ضد أميركا؟

   "تجيبنا إحدى الفقرات الأولى من خطاب الظواهري: "يجب أن نفهم طبيعة عداء الكفار المعاصرين للإسلام و المسلمين في إطاره الصحيح
   وكأن الفهم الذي ساد حتى الآن عند تنظيم القاعدة لم يكن موضوعا في إطاره الصحيح، يريد زعيم القاعدة أن يصحح إطار فهم طبيعة عداء الكفار المعاصرين للإسلام، ومن ثم تفسير كيفية جديدة لمحاربة أميركا زعيمة هؤلاء الكفار.
   أول نقطة يثيرها الظواهري هي قضية الأصل والدافع في هذا العداء.  نقطة يثيرها أو بالأحرى يصححها.
   يذكّر الظواهري أتباع القاعدة أو يلفت أنظارهم إلى رؤية جديدة: عداء أميركا للإسلام والمسلمين ليس سياسيا ولا اقتصاديا، وليس طمعا جغرافيا أو هدفا توسعيا. هو بالنسبة للظواهري عداء ليس ذو صبغة جيوسياسية، بل عداء ديني محض. إنه عداء ذو طبيعة دينية تتمثل في معادات اليهودية والمسيحية للإسلام. وينعت الظواهري اليهودية كلها بالصهيونية والمسيحية كلها بالصليبية. والخلاصة عنده أن الإطار الصحيح والحقيقي للعداء الغربي للإسلام، هو عداء صهيوني صليبي لا غير.
   فأول خانة في الإطار الذي يجب أن يوضع فيه هذا العداء ، عند الظواهري، هي خانة الدين
   الوصف الثاني الذي يسم به الظواهري عداء أميركا للإسلام هو الشمولية. ليس هناك قطر أو بلد مسلم لا يشمله عداء أميركا. يسرد زعيم القاعدة الكثير من الأقطار الإسلامية دون أن يترك بلدا أو رقعة من البقاع الإسلامية من كشمير وباكستان وأفغانستان إلى إفريقيا الغربية ومنطقة الصحراء الساحل مرورا ببورما والفلبين والشيشان والبوسنة والعراق والشام وفلسطين وجزيرة العرب ومصر والسودان والمغرب الإسلامي الذي خص بالذكر منه ليبيا والجزائر
   الخانة الثانية في الإطار عند الظواهري هي الشمولية الجغرافية،
بعد ذلك يؤكد الظواهري على تعدد الجبهات ووحدة المعركة بالنسبة للتنظيم، ويستغل الظواهري هذه النقطة ليدعو إلى حرب ضد أميركا من طرف كل المسلمين بمختلف جنسياتهم، وعلى كل الواجهات سواء عسكرية أو اقتصادية أو سياسية
   قد تختلف التأويلات لخطاب الظواهري بين من يرى أنه مجرد روتين دأب عليه زعماء التنظيم منذ سنوات، ومن يظن أنه محاولة للظهور لتفنيد ما يقال عن اختفاء القاعدة وأفول نجمها أمام غريمتها داعش
   ولعل التأويل الثاني، في نظري، أقرب إلى الصواب. فبالنظر إلى شبه استقلالية فروع القاعدة، بل وحتى شبه الاختفاء الذي يطال بعض فروعها كالقاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، قد يصح القول بأن خطاب الظواهري يشكل محاولة لاستعادة المبادرة من طرف القيادة لتعطي، ولو في الظاهر، صورة التنظيم المركزي القوي والموحد. ولعل هذا ما دفع زعيم القاعدة للتأكيد على وحدة المعركة 
   إن المتتبع لفروع القاعدة، يدرك أنها لم تعد ذات اتجاه موحد كما كانت في السابق، عندما كان هدف كل أعضائها وفروعها محاربة ما كانت تسميه بالعدو البعيد، والغرب الذي تنعته بالصهيوني والصليبي
   أضحت القاعدة اليوم كتائب متشتة لكل منها هدفه المحلي الخاص سواء تعلق الأمر بأفغانستان أو اليمن أو المغرب الإسلامي أو في المنطقة الهندوـ صينية أو سورية. كل هذه التنظيمات أصبحت ذات أهداف محلية، ولم تعد تحمل من القاعدة الأم إلا الإسم
   أشار الظواهري إلى كون الأصل في العداء ديني محض، وإن كان تحت غطاء السياسة و الاقتصاد، وهو  يريد من وراء ذلك تحريك النعرة الدينية حتى يصبح الصراع خارج الميادين التي يمكن أن تجد فيها الأطراف مجالا للتفاهم 
   من المعلوم أن الصراعات السياسية أو الاقتصادية أو المتعلقة بالمصالح جيوـ سياسية تجد طريقها إلى الحل مهما طال الأمد. أما الصراع الديني فلا مجال فيه للأخذ والعطاء، وهو بذلك صراع أبدي. وكأننا بالظواهري بدأ يخشى أن تحارب الفصائل المحلية لأغراض سياسية أو اقتصادية، وتسير في الأخير إلى التفاوض من أجل هذه الأهداف، فتندثر عقيدة القاعدة، ويبقى زعيمها بمفرده. ولعل ما تسير إليه الأمور في إدلب السورية، قد يدعو جبهة النصرة، التي سبق وأعلنت انفصالها عن القاعدة، أن تسير إلى أبعد من ذلك بقبول تسوية تحت غطاء المنتظم الدولي، خصوصا وقد أصبحت تقود تنظيما واسعا، هو هيئة تحرير الشام
   يريد الظواهري إذن أن يذكّر الفصائل الفرعية الجهوية والمحلية إلى أن الصراع ضد الغرب، ليس صراعا مصلحيا محليا أو جهويا ينتهي بالتفاوض على تلك المصالح القريبة، وإنما هو صراع ديني كوني تكاد تكون لا نهاية له. صراع لا ينتهي إلا برابح وخاسر. ويذكّر فروع القاعدة أنها لا تصارع من أجل أهداف محلية أو مختلفة.  يعتبر الظواهري أن المعركة "يجب أن تخاض في أي بقعة من بقاع العالم الإسلامي على أنها معركة واحدة ذات جبهات متعددة ضد عدو متحد
   يظهر مما سبق أن خطاب الظواهري خطاب أزمة. أزمة خوف من أفول نجم القاعدة كتنظيم مركزي قوي يطيعه الأتباع، وتحوله  إلى مجرد إسم أو علامة تجارية، تستغلها بعض الذئاب المنفردة لإضفاء الأهمية على عملياتها. وهذا ما يجعله يؤكد على وحدة المعركة، ويختار العدو الأوحد والوحيد، ليعيد وحدة جميع الفروع، في معركة يحدد هو ـ أي المركز ـ أهدافها و مقاصدها، وتعود القاعدة للظهور بمظهر الوحدة والقوة
   قد يفلح الظواهري في مقصده وقد يفشل. إلا أن ما يجب وضعه في الحسبان، في إطار محاربة الإرهاب هو فرضية نجاح الظواهري في إقناع كل أو بعض أتباعه، بأنه يجب إقران الحرب على العدو القريب، الذي تخوضه كل الفروع التي تدعي مبايعتها للقاعدة في أوطانها؛ بالحرب على العدو البعيد الذي حدده في أميركا، وما يسميه الظواهري أدواتها، أي من يتبعها من الدول. إذا نجح زعيم القاعدة في هذه المهمة فقد يرى العالم، في الأسابيع أو الشهور المقبلة، موجة من عمليات القاعدة، وهو الأمر الذي يجب أن تعد له مصالح مكافحة الإرهاب العدة لتفاديه و إحباطه

RELATED CONTENT

  • Authors
    Kassim Bouhou
    September 17, 2010
    Before the 9/11 events, US-Maghreb relations were growing stronger, especially after the United States had long left the floor to the Maghreb’s “natural” European partner. Therefore the American action in this region was in line with a mechanism previously set off by Clinton Administration member, Stuart Eizenstat, which aimed at reducing intra regional obstacles and stimulating American investments towards an area where Americans were little-represented. Hence Washington seemed mor ...
  • Authors
    Flore Gubert
    September 1, 2010
    The potential synergy between development and migration has become a key feature of most international migration politics. However, this relationship is far from evident. Flore Gubert helps better understand the complexity of this relationship through the comparison of two regional contexts (Mexico and North Africa), and shows how the political and economic context prevailing in the countries of origin modifies the link between migration and development. This Note de l'Ifri is the ...
  • Authors
    Jean-Luc Peduzzi
    February 20, 2010
    On November 5th 2009, a cocaine-loaded Boeing 727 aircraft arriving from Venezuela was discovered torched and emptied on a makeshift airstrip in the Malian desert (Gao region). The sahel-saharan area is clearly a contact zone between very distant worlds. ...
  • Authors
    Dida Badi
    February 20, 2010
    The industrial revolution underwent by Europe in the 18th century has triggered the need for the major colonial powers to find new markets for their manufactured products. It is in this colonial competitive framework that European explorers delivered information about the different access roads, as well as the Tuareg tribes, notably the Kel Ajjer and the Kel Ahaggar. ...
  • September 22, 0202
    بعد تفشي فيروس كورونا المستجد في جل مناطق العالم، اختلفت طرق التصدي له من دولة إلى أخرى. حيث اعتمدت الدول قرارات متفاوتة من حيث الصرامة في ظل الحد من تفشي هذا الوباء. وفي نفس الصدد، اتُخذت عدة قرارات لدعم المواطنين لكي يتاح لهم المرور من هذه الأزمة بأقل الأضرار الممكنة في مختلف القطاعات...
  • September 15, 0202
    بفعل التأثير المزدوج للجفاف والقيود المفروضة للحد من انتشار وباء كوفيد-19، يتوقع بنك المغرب (المصرف المركزي) أن يسجل الاقتصاد سنة 2020 أقوى تراجع له منذ 1996، وذلك بنسبة 5,2 بالمئة كما تسببت القيود المفروضة على التنقل في إطار حالة الطوارئ بشلل العديد من القطاعات الاقتصادية بالمغرب. بينم...
  • June 25, 0021
    African Futures evolved from a conference to a digital platform and fund that helped impact-driven entrepreneurs and secure the funding and partnerships they need to scale their businesses across the continent. African Futures goal is to help turn national level sustainable business suc...
  • From

    14
    2:00 pm July 2025

    To

    15
    5:00 pm July 2025
      The Policy Center for the New South will organize the 3rd edition of the Africa Economic Symposium (AES2025) on July 14th-15th, 2025, under the theme “Bold Moves amid Global Shifts”. The Symposium aspires to be a continent-wide annual gathering of prominent economists, policymakers, and academics to bring together global and continental perspectives on macroeconomic management challenges and structural issues that shape the future of Africa's economic development. Building on the success of previous editions (AES2023 and AES2024), which gathered around 200 participants from 40 nationalities, this year’s conference continues to strengthen its position as a key forum for economic dialogue in Africa. Central to this Symposium is the Annual Economic Report on Africa, the PCNS ...
  • From

    15
    10:30 am May 2025
      Lieu : École Supérieure de Technologie (EST), Fquih Ben Salah Depuis 2021, le Policy Center for the New South, le Programme des Nations unies pour le développement (PNUD) et la Banque mondiale ont lancé l’initiative « Parlons développement ». Cette initiative consiste en une série de réflexions collectives sur les grands enjeux du développement durable, visant à examiner les transformations durables, qu’elles soient positives ou négatives, ainsi que leurs impacts sur l’agenda des objectifs de développement durable (ODD). La plateforme de débat « Parlons développement » est destinée aux jeunes et est organisée en collaboration avec différents partenaires pour être au plus près des préoccupations des jeunes et du grand public. Elle vise à stimuler un débat riche sur les leç ...
  • From

    08
    10:30 am April 2025
    Lieu : Faculté des Sciences et Techniques, Al Hoceima Depuis 2021, le Policy Center for the New South, le Programme des Nations Unies pour le développement (PNUD) et la Banque mondiale portent ensemble l’initiative « Parlons développement » : une série de réflexions collectives autour des enjeux du développement durable au Maroc. Cette initiative vise à interroger les grandes mutations en cours et leur impact sur l’agenda des Objectifs de Développement Durable (ODD), en rapprochant les débats stratégiques des réalités vécues sur le terrain. Organisée en partenariat avec la Faculté des Sciences et Techniques d’Al Hoceima, la 19ème édition de « Parlons Développement » portera sur un levier central du développement territorial : l’innovation au service du développement économiq ...